أسس التسامح في الإسلام.
يعتبر التسامح دعامة من دعائم شريعة الإسلام، ومبدأ أصيلا من مبادئ خلق المسلمين، وهذه حقيقة ثابتة نصت عليها الآيات القرآنية التي تدعو إلى التسامح وتحظ عليه والتي يمكن تحديدها كما يلي:
- إقرار مبدأ التعايش والتساكن والمساواة: قال تعالى: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى، وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم(1). يقول السيد قطب رحمه الله عند تفسيره لهذه الآية: يا أيها الناس: يا أيها المختلفون أجناسا وألوانا، المتفرقون شعوبا وقبائل، إنكم من أصل واحد، فلا تختلفوا ولا تتفرقوا ولا تتخاصموا ولا تذهبوا بددا(2). وقال ابن كثير: فجميع الناس في الشرق بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء عليهما السلام سواء، وإنما يتفاضلون بالأمور الدينيـة وهي طاعة الله تعالى ومتابعة رسوله (3).
وقال الطاهر بن عاشور: ونودوا بعنوان «الناس» دون المؤمنين رعيا للمناسبة بين هذا العنوان وبين ما صدر به الغرض من التذكير بأن أصلهم واحد، أي أنهم في الخلقة سواء ليتوصل بذلك إلى أن التفاضل والتفاخر إنما يكون بالفضائل، وإلى أن التفاضل في الإسلام بزيادة التقوى ...»(4)
وسبب نزول هذه الآية كما روى أبي داود في كتابه المراسيل عن الزهري قال: أمر رسول الله بني بياضة (من الأنصار) أن يزوجوا أبا هند (مولى بني بياضة قيل اسمه يسار) امرأة منهم فقالوا: نزوج بناتا موالينا، فأنزل الله تعالى: إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا ... وروى غيره ذلك في سبب نزولها(1).
لقد دعا الإسلام منذ البداية إلى التجمع والتعايش والتساكن وتبادل المنافع والمصالح بين الشعوب، بعيدا عن أية عصبية جنسية أو عنصرية إقليمية أو نزعة ثقافية، إذ لا فضل لعربي على عجمي، ولا أبيض على أسود إلا بالتقوى، فالله سبحانه وتعالى لم يخلق أناسا من خشب، وآخرين من ذهب، بل كلهم من أصل واحد فلا مجال إذن للفخر والتفاضل، قال تعالى: والله خلقكم من تراب، ثم من نطفة، ثم جعلكم أزواجا، وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه ...(2)، وقال أيضا: ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين(3)، وقال : «يا معشر قريش، لا أغني عنكم من الله شيئا، يا بني عبد مناف لا أغني عنكم من الله شيئا، يا عباس بن عبد المطلب لا أغني عنك من الله شيئا، ويا صفية عمة رسول الله لا أغني عنك من الله شيئا»(4).
إن مبدأ المساواة المطلقة بين بني الإنسان كانت رسالة الإسلام فكان طبيعيا أن يحرص على تطبيقها المجتمع الإسلامي، وها هو الرسول يزوج ابنة عمته زينب بنت جحش سليلة قريش الهاشمية من مولاه زيد، والزواج مسألة حساسة ترفع فيها قضية المساواة إلى أفق دونه كل أفق، وما كان أحد غير هذا النبي، ولا كانت قوة غير قوة هذا الدين بكافية أن تحقق هذه المعجزة التي لا تتحقق إلى اليوم في غير بلاد الإسلام. ونحن نشهد في الولايات المتحدة الأمريكية التي بطل فيها الرق بحكم القانون، إن الزنجي يحرم عليه الزواج بالبيضاء أية بيضاء فحسب، بل يحرم دخول المدارس والجامعات والمطاعم، والجلوس إلى جوار البيض في المركبات العامة، والنزول معهم في المتاوي والفنادق حتى الآن(5).أين هي الديمقراطية المزعومة التي يلوحون بها في شعاراتهم؟ إنها كالفرق بين السماء والأرض مع تعاليم الإسلام، التي تؤمن بمبدأ العدالة والمساواة بين بني الإنسان بدون فرق بين الأبيض والأسود إلا بالتقوى.
- البر بالمخالفين في الدين: حيث أكد الإسلام على ضرورة البر والعدل والإحسان إلى المخالفين في الدين، الذين سالموا المسلمين وكفوا عن قتالهم كالنساء والضعفاء والشيوخ، قال تعالى: لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين، ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين(1).
يقول سيد قطب: إن الإسلام دين سلام وعقيدة وحب، ونظام يستهدف أن يظل العالم كله بظله، وأن يقيم فيه منهجه، وأن يجمع الناس تحت لواء الله إخوة متعارفين متحابين، وليس هناك من عائق يحول دون اتجاهه هذا إلا عدوان أعدائه عليه وعلى أهله، فأما إذا سالموهم فليس الإسلام براغب في الخصومة ولا متطوع بها كذلك! وهو حتى في حالة الخصومة يستبقي أسباب الود في النفوس بنظافة السلوك وعدالة المعاملة، انتظارا لليوم الذي يقتنع فيه خصومه بأن الخير في أن ينضووا تحت لوائه الرفيع، ولا ييأس الإسلام من هذا اليوم الذي تستقيم فيه النفوس، فتتجه هذه الاتجاه المستقيم(2)؛ وقال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: أي لا ينهاكم عن الإحسان إلى الكفرة الذين لا يقاتلونكم في الدين ولم يظاهروا أي: يعاونوا على إخراجكم كالنساء والضعفة منهم (أن تبروهم) أي تحسنوا إليهم (وتقسطوا إليهم) أي تعدلوا (إن الله يحب المقسطين)(3).
ويؤخذ من هذا الآية جواز معاملة أهل الذمة بالإحسان وجواز الاحتفاء بأعيانهم، وقد نزلت هذه الآية في أسماء بنت أبي بكر رضي عنهما حينما جاءت إليها أمها تصلها وهي مشركة، فسألت النبي عن ذلك، فقال لها «نعم صلي أمك».(4)
وأمر الإسلام بحسن معاملة أهل الكتاب ودعا إلى مجادلتهم بالتي هي أحسن بعيدة عن الشدة والغلظة في الكلام حتى لا تحـدث بينهـم الفرقـة والخصومـة قال تعالـى: «ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن»(1).
وقد أعطى النبي مثلا أعلى في معاملة أهل الكتاب، فقد روي أنه كان يحضر ولائهم، ويشيع جنائزهم، ويعود مرضاهم، ويزورهم ويكرمهم ... وروي أنه كان يقترض من أهل الكتاب نقودا ويرهنهم أمتعته، حتى أنه توفي ودرعه مرهونة عند بعض يهود المدينة في دين له، ولم يخلص درعه إلا خلفاؤه بعد وفاته، كان يفعل ذلك لا عجزا من أصحابه عن إقراض، فكان منهم الأثرياء، وهم مستعدون لأن يضحوا بأنفسهم وأموالهم في مرضاة نبيهم، بل كان النبي يفعل ذلك تعليما وإرشادا لأمته(2).
وكان من الطبيعي أن يؤثر هذا السلوك وحسن المعاملة في حياة الصحابة وخصوصا الساسة منهم والأمراء، ولنأخذ عمر بن الخطاب نموذجا للسلف الصالح، ففي عهده توسعت الدولة الإسلامية وضمت آلافا من غير المسلمين، وقد حرص أن يضمن لهم الأمان «... هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إليا من الأمان، أعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم، سقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا ينقص منها ولا من حيزها ولا من صليبهم، ولا من شيء من أموالهم، ولا يكرهون على دينهم، ولا يضار أحد منهم، ولا يسكن بإليا معهم أحد من اليهود.(3)
ولم يقتصر هذا السلوك على الخلفاء فقط بل طبقه الأمراء أيضا فها هو خالد بن الوليد يقول: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى خالد بن الوليد أهل دمشق إذ دخله، أعطاهم أمانا على أنفسهم وأموالهم، وكنائسهم، وسور مدينتهم، لا يهدم، ولا يسكن شيء من دورهم، لهم بذلك عهد الله وذمة رسول الله والخلفاء والمؤمنين، لا يعرض لهم إلا بخير إذا أعطوا الجزية.(1)
من خلال هذه المعاملة الكريمة التي نهجها النبي وغيره من الصحابة، نصل إلى نتيجة مفادها أن كثيرا من أهل الكتاب دخل في الإسلام إعجابا بمبادئه العادلة وسمو خلق المسلمين، وإليكم الشهادة الآتية التي تؤكد ما سبق، يقول عيشو بابه أحد البطارقة المسيحيين: إن العرب الذين مكنهم الرب من السيطرة على العالم يعاملوننا كما تعرفون، إنهم ليسوا بأعداء للنصرانية، بل يمتدحون ملتنا ويوقرون قسيسنا ويمدون يد المعونة إلى كنائسنا وأديرتنا.(2)
- حرية العقيدة: ونعني بها أن يكون لكل فرد في الأمة الحق في أن يعتقد ما يراه حقا، وأن تكون له الحرية في تأدية شعائر دينه كما يشاء، وقد احترم الإسلام هذا المبدأ احتراما كاملا، فمنع الإكراه في الدين، إذ نفى القرآن الكريم بالنص أن يكون الإكراه طريقا للدين، ومنع المؤمنين أن يكرهوا أحدا على الدين، وخوطب النبي بهذا النص في فوله تعالى: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي(3) وقوله تعالى: أ فأنت تكره الناس حتى يكون مؤمنين(4).
قال ابن كثير في تفسير للآية الأولى أي: لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الإسلام، فإنه بين واضح جلي دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه(5)، وقال الطاهر بن عاشور: أي لا تكرهوا أحدا على اتباع الإسلام قسرا(6)، وقال سيد قطب: وفي هذا المبدأ يتجلى تكريم الله للإنسان، واحترام إرادته وفكره ومشاعره وترك الأمر لنفسه فيما يختص بالهدى والظلال في الاعتقاد.(1)
وسبب نزول هذه الآية كما روى المفسرون عن ابن عباس أنه قال: كانت المرأة تكون مقلاة قليلة النسل فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده (كان يفعل ذلك نساء الأنصار في الجاهلية) فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار، فقال آباؤكم: لا ندع أبناءنـا (يعنون: لا ندعهم يعتنقون اليهوديـة) فأنـزل الله تعالى هذه الآية: لا إكراه في الدين.(2)
فرغم الظروف التي دخل بها أبناء الأنصار لدين اليهود وهم صغار، رفض القرآن محاولة الأباء إكراههم على الإسلام، لأن الهداية والظلال بيد الله سبحانه وتعالى: فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام، ومن يرد أن يظلله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء(3).
وبهذا المبدأ العظيم الذي أقره القرآن الكريم، استطاع اليهود والنصارى على إثره أن يعيشوا تحت راية الإسلام عيشة هنيئة، رغيدة، سمحت لهم بالتمتع بشعائرهم كما يشاؤون، وما معاملة النبي لهم إلا دليل على ذلك، فقد ذكر ابن إسحاق في السيرة أن وفد نجران، وهم من النصارى لما قدموا على رسول بالمدينة، دخلوا عليه مسجده بعد العصر فكانت صلاتهم، فقاموا يصلون في مسجده، فأراد الناس منعهم، فقال رسول الله دعوهم، فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم.
وجاء في المعاهدة التي عقدها عليه السلام مع يهود المدينة بعد هجرته «... لليهود دينهم وللمسلمين دينهم...»، وعلى هذا النهج سار الصحابة الكرام والتابعون من بعدهم في احترام عقيدة الآخرين الذين يعيشون تحت حكمهم والبر بهم.
-الزواج من أهل الكتاب وأكل طعامهم: لقد أباح الله سبحانه وتعالى للمؤمنين أن يتزوجوا من الكتابيات العفيفات المحصنات، وأن يأكلوا من طعامهم، ما عدا الخمر والخنزير وما أهل لغير الله به قال تعالى: ... وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا أتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان...(1)، والذين أوتوا الكتاب هم أتباع التوراة والإنجيل سواء كانوا ممن دعاهم موسى وعيسى عليهما السلام إلى أتباع الدين، أم كانوا ممن اتبعوا الدينين اختيارا.(2)
قال الطاهر بن عاشور: وحكمة الرخصة في أهل الكتاب: لأنهم على دين إلهي ويحرم الخبائث، ويتقي النجاسة، ولهم في شؤونهم أحكام مضبوطة متبعة لا تظن بهم مخالفتنا، وهي مستندة للوحي الإلهي بخلاف المشركين وعبدة الأوثان(3)، وقال ابن كثير: هذا أمر مجمع العلماء أن ذبائحهم حلال للمسلمين لأنهم يعتقدون تحريم الذبح لغير الله ولا يذكرون على ذبائحهم إلا اسم الله وإن اعتقدوا فيه تعالى ما هو منزه عن قولهم تعالى وتقدس.(4)
وقال سيد قطب: وهنا نطلع على صفحة من صفحات السماحة الإسلامية في التعاون مع غير المسلمين، ممن يعيشون في المجتمع الإسلامي «في دار الإسلام» أو تربطهم به روابط الذمة والعهد من أهل الكتاب.
إن الإسلام لا يكتفي بأن يترك لهم حريتهم الدينية، ثم يعتزلهم، فيصبحوا في المجتمع الإسلامي مجفوين معزولين أو منبوذين إنما يشملهم بجو من المشاركة الاجتماعية والمودة والمجاملة والخلطة، فيجعل طعامهم حلا للمسلمين وطعام المسلمين حلا لهم كذلك، ليتم التزاور والتضايق والمؤاكلة والمشاربة، وليظل المجتمع كله في ظل المودة والسماحة ... وكذلك يجعل العفيفات من المسلمات وهي سماحة، لم يشعر بها إلا أتباع الإسلام.(1)
لقد أكد الإسلام من جديد على أنه المنهج الوحيد الذي يسمح بقيام مجتمع عالمي، فكل القوانين التي سنها تنادي بالمحبة والأخوة بين جميع البشر بصفتهم إخوانا في الإنسانية، وأقام العلاقات بين أفراد المجتمع على أسس تجاوز بها كل الاختلافات والفوارق الدينية والعرقية، وجعلها علاقات بعيدة عن كل تعصب مهما كان أصله ولونه.
- الإيمان بالأديان السماوية السابقة: لقد أرسل الله محمدا خاتما للنبيئين، ومصدقا للرسل من قبله، وأنزل عليه القرآن الكريم مؤيدا للكتب السماوية المنزلة، ولا يصح الإسلام بغير إيمان بالأنبياء السابقين، وبما أنزل عليهم من كتب، والقرآن الكريم مليء بالآيات التي تؤكد ذلك، قال تعالى: قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وما أوتي موسى وعيسى وما أوحي النبيون من ربهم، لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون(2)، وقال أيضـا: آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنـون، كل آمن بالله وملائكتـه وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله.(3)
قال سيد قطب في تفسيره لهذه الآية: والإيمان بكتب الله ورسله بدون تفرقة بين أحد من رسله هو المقتضى الطبيعي الذي ينبثق من الإيمان بالله في الصورة التي يرسمها الإسلام، فالإيمان بالله يقتضي الاعتقاد بصحة كل ما جاء من عند الله، وصدق كل الرسل الذين يبعثهم الله، ووحدة الأصل التي تقوم عليه رسالتهم، وتتضمنه الكتب التي نزلت عليهم ... ومن ثم لا تقوم التفرقة بين الرسل في ضمير المسلم. فكلهم جاء من عند الله بالإسلام في صورة من صوره المناسبة لحال القوم الذين أرسل إليهم، حتى انتهى الأمر إلى خاتم النبيئين محمد فجاء بالصورة الأخيرة للدين الواحد، لدعوة البشرية كلها إلى يوم القيامة.(1)
وقال ابن كثير:« فالمؤمنون يؤمنون بأن الله واحد أحد، فرد صمد، لا إله غيره ولا رب سواه، ويصدقون بجميع الأنبياء والرسل والكتب المنزلة من السماء على عباد الله المرسلين والأنبياء لا يفرقون بين أحد منهم فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض بل الجميع عندهم صادقون برون راشدون هادون إلى سبيل الخير، وإن كان بعضهم نسيج شريعة بعض بإذن الله حتى نسخ الجميع بشرع محمد خاتم الأنبياء والمرسلين الذي تقوم الساعة على شريعته ...».(2)
وتحت ضوء هذه الآيات الكريمات أقر المسلمون بنبوة موسى وعيسى عليهما السلام، وآمنوا بهما ونزهوا نسب عيسى واعتبروا إنكار رسالتهما بمثابة كفر بالله سبحانه وتعالى، إذ ليس في الإسلام تعصب ضد اليهودية أو المسيحية، وليس فيه اتهام لنبي ولا تهجم على رسول، على عكس ما نجده بين اليهود والنصارى من عداء وتباغض. ذلك أن اليهود يؤمنون بنبوة موسى عليه السلام فقط كما يعتقدون أنهم شعب الله المختار. في حين يكذبون بنبوة عيسى عليه السلام ومحمد ، وبالتالي فلا قيمة في نظرهم للمسيحية ولا للإسلام. والمسيحيون يقرون بنبوة موسى وبالتوراة، لكنهم يحقدون على اليهود لأنهم يحرفون نسب عيسى ويجحدون رسالته، كما أن الإسلام في زعمهم افتراء عربي ادعى النبوة، ومن هنا يتبين لنا مدى التسامح الكبير الذي يمتاز به المسلمون عن غيرهم من أصحاب الديانات السماوية الأخرى.
إن الإيمان بالأديان السابقة مبدأ من مبادئ الإسلام الراسخة، وهو الأساس الثابت الذي تقوم عليه علاقة المسلم مع أهل الأديان السماوية، فمن هذا المبدأ تنبع رؤية الإسلام إلى التعامل مع غير المسلمين. فلا تكتمل عقيدة المسلم إلا إذا آمن بالرسل جميعا، لا يفرق بين أحد منهم، وهذا هو البعد الإنساني الذي يعطي للتسامح في الإسلام مساحات واسعة يقول تعالى: وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس، وأنزل الفرقان(1) ويقول عز من قائل: إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة.(2)
)- سورة الحجرات، الآية:13.
(2)- في ظلال القرآن، سيد قطب، ج 26، ص: 3347.
(3)- تفسير ابن كثيرا، ج 7، ص: 258.
(4)- التحرير والتنوير، ج 26، ص: 258.
)- التحرير والتنوير، ج 26، ص: 258.
(2)- سورة فاطر، الآية: 11.
(3)- سورة المؤمنون، الآيتان: 12-13
(4)- أخرجه البخاري، كتاب الوصايا، باب هل يدخل النساء والولد في المقابر، رقم الحديث: 2548.
)- العدالة الاجتماعية في الإسلام، سيد قطب، ص 138.
(1)- سورة الممتحنة، الآية: 8.
(2)- في ظلال القرآن، ج 27، ص: 354
(3)- تفسير ابن كثير، ج 8، ص: 58.
)- التحرير والتنوير، ج 28، ص: 153.
(1)- التفسير المنير، وهبة الزحيلي، ج 28، ص: 135-136.
(2)- روح الدين الإسلامي، عبد الفتاح طبارة، ص: 285.
(3)- تاريخ الطبري، ج 3، ص: 609.
1)- فتوح البلدان، البلاذري، ص: 166.
(2)- روح الدين الإسلامي، عبد الفتاح طبارة، ص: 20.
(3)- سورة البقرة، الآية: 255.
(4)- سورة يونس، الآية: 99
(5)- تفسير ابن كثير، ج 1، ص: 362.
)- التحرير والتنوير، ج 3، ص: 26.
(1)- في ظلال القرآن، ج 3، ص: 291.
(2)- تفسير ابن كثير، ج 1، ص: 362.
(3)- سورة الأنعام، الآية: 126.
1)- سورة المائدة، الآية: 5.
(2)- التحرير والتنوير، ج 6، ص: 120.
(3)- نفسه، ص: 121.
(4)- تفسير ابن كثير، ج3، ص: 26
1)- في ظلال القرآن، ج 5، ص: 848.
(2)- سورة البقرة، الآية، 135.
(3)- سورة البقرة، الآية، 284.
1)- في ظلال القرآن، ج 2، ص: 342.
(2)- تفسير ابن كثير، ج 1، ص: 397.
)- سورة آل عمران، الآيتان: 2-3.
(2)- سورة الصف، الآية: 6.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق